Ads 468x60px

الحسابات الإسلامية في الفوركس

الحسابات الإسلامية في الفوركس
Forex No Swap Accounts


  كي أتحدث عن ماهية الحسابات الإسلامية في عالم وساطة الفوركس فلابد لي أولاً أن أخبركم بأي شق في تعاملات الفوركس هو الثغرة التي تسلل منها الحرام ليلوث هذه التجارة المربحة مما أثار الجدل حول وجوب تحويل الحسابات لدى شركات الوساطة في سوق الفوركس إلى ما يعرف بنظام الحساب الإسلامي، ثم نقوم بعدها بتوضيح التقنية التي ابتكرتها شركات الوساطة للتغلب على هذه الحرمانية لتكون تجارتنا متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، فتعالو معي نستعرض الموضوع كاملاً.

  الشبهة التي يتحدثون عنها بالحرمانية ياسيدي هي "الربا" والربا بالمفهوم البسيط هو أن تستدين مبلغ مالي من شخص أو جهة معينة وتتفق مع الدائن على أن ترد له دينه في وقت معين مضافاً إليه مبلغ اضافي محدد حسب الاتفاق بينكما، أو أن تقرض شخص معين أو جهة معينة مبلغ من مالك ثم تشترط عليه رد هذا المبلغ في وقت محدد مضافاً إليه زيادة محددة، هذا مايعرف في الشريعة الإسلامية بالـ"ربا" وبلغة البنوك يعرف بالـ"فائدة" أي الفائدة التي تعود على الطرف الدائن جراء اقراضه جزء من ممتلكاته للطرف الآخر وغالباً ماتكون نسبة مئوية من المبلغ، والفائدة في عالم البنوك تكون نوعان "فائدة لك" و "فائدة عليك"، فالفائدة التي لك هي التي تحصل عليها عندما تودع مبلغ مالي لدى أحد البنوك ليزيد رأس ماله ويوسع استثماراته وفي المقابل تأخذ منه فائدة شهرية ثابتة حتى يفسخ أحد منكما العقد وتستعيد أموالك التي أودعتها كاملة فمثلاً أنت قمت بإيداع مبلغ 5,000 جنيه في "بنك س" ثم تذهب كل شهر لتسحب فائدة شهرية نسبتها 2% من ايداعك أي 100 جنيه كل شهر وذلك لمدة خمس سنوات بعدها تستعيد الـ5,000 مرة أخرى فكأنك أقرضته 5,000 جنيه واسترددتهم منه 100*12*5+5,000= 11,000 جنيه، والفائدة التي عليك هي التي يحصلها منك البنك نتيجة اقراضه لك مبلغ مالي لتستثمره أو تقضي به حاجتك ثم تعيده على اقساط شهرية أو دفعة واحدة في نهاية مدة الاتفاق مع زيادة دورية أو زيادة اجمالية محددة حسب العقد المبرم بينكما فمثلاً أنت تقترض من "البنك س" مبلغ قدره 1,000 جنيه ثم تعيده بعد ثلاثة أشهر بفائدة مقدارها 10% أي تعيد 1,100 جنيه أو أن تدفع الـ1,100 مقسمة على الثلاثة أشهر، والحكمة من تحريم الربا شرعاً هو مافيه من استغلال لحاجة الناس والمتاجرة بظروفهم.

  ولكل عملة من عملات دول العالم المختلفة فائدة خاصة بها تتدخل في تحديدها الحكومة الاقتصادية في الدولة بشكل مباشر لما للفائدة من تأثير قوي وملموس على أسعار صرف العملة، فأحيانا ما تلجأ الحكومة أو البنك المركزي لرفع نسبة الفائدة على عملتها ليزيد الاقبال والطلب عليها من الأفراد والهيئات التي تعتمد على ايداع أموالها في التوك والتربح من الفوائد الشهرية لها ونتيجة بيع العملات الأخرى وشراء عملات الفائدة المرتفعة يزيد سعر هذه العملات مقابل العملات الأخرى، وأحياناً تلجأ الحكومة أيضاً إلى خفض الفائدة عمداً لتشجيع المستثمرين على الاقتراض بفوائد قليلة لرفع معدل النمو والاستثمار، إذاً فكل دولة في العالم تحدد سعر فائدة على عملتها Interest Rate وتخلتف الفائدة من عملة لأخرى بشكل مستمر نتيجة تغيير الحكومات لنسب الفائدة وهذا الاختلاف له وزنه في سوق الأوراق المالية وهو ما يهمنا في هذا الموضوع.

  في عالم البنوك والتحويلات البنكية الضخمة يتم احتساب الفائدة على الايداعات يومياً وتضاف للحسابات في آخر اليوم البنكي (نهاية فترة العمل اليومية)، فمثلاً كان نظام البنوك في القاهرة أن مواعيد العمل اليومية من الساعة 8 صباحاً حتى 2 ظهراً فإن البنك يعتبر الساعة 2 ظهراً هي الحد الفاصل بين الأيام البنكية بحيث أن الحسابات التي أكملت 24 ساعة أي يوماً كاملاً بياتاً في خزينة البنك تنزل عليها الفائدة اليومية في تمام الساعة الثانية ظهراً وهذه العملية تسمى بالـ"تبييت" Rollover أي احتساب الفائدة اليومية للحسابات التي تبيبت في خزينة البنك لمدة يوم كامل، وبالنسبة للبنوك الأمريكية ينتهي موعد العمل الرسمي لديها (إغلاق السوق الأمريكية) الساعة الخامسة مساءاً الموافق للساعة الحادية عشر بتوقيت القاهرة، لذا فإن الحسابات التي تبيت في البنوك الأمريكية يتم احتساب الفوائد البنكي اليومية لها في تمام الساعة الخامسة مساءاً بتوقيت نيويورك.

  في سوق الفوركس عندما تعقد العزم على فتح صفقة شراء على أحد الأزواج ولنفرض مثلاً أنها لزوج (يورو/دولار) فأنت تقوم برهن مبلغ من حسابك لفتح هذه الصفقة وفي المقال تقترض من البنك (عن طريق شركة الوساطة) لوت من الأوراق المالية بالدولار ثم بعد ذلك تشتري بهذا اللوت مايقابله من اليورو وتودع ما اشتريته من اليورو لدى البنك في انتظار ارتفاع ثمنه فتغلص الصفقة وتبيع البورو وتستعيد دولاراتك مضافاً إليها ربحك من ارتفاع السعر، هنا إن امتد وقت هذه الصفقة حتى أكملت 24 ساعة كاملة ابتداءاً من نهاية اليوم البنكي الأول حتى نهاية اليوم البنكي الثاني ليكمل المبلغ الذي اودعته باليورو في البنك يوم بنكي كامل ويمر على المبلغ الذي اقترضته بالدولار من البنك في أول الصفقة أيضاً يوم بنكي كامل، هنا سيقوم النظام البنكي بشكل تلقائي بحساب فائدة التبييت "الرول أوفر" Rollover في كلا الحالتين فهناك "فائدة لك" نتيجة ايداعك اليورو بالبنك وتضاف لك بالموجب وفي الجهة المقابلة هناك "فائدة عليك" نتيجة اقتراضك الدولار من البنك ويتم خصمها منك بالسالب، لذا فإن كانت فائدة  العملة التي اشتريتها (اليورو) أعلى من فائدة العملة التي اشتريت بها (الدولار) فسيتم طرح فائدة الدولار من فائدة اليورو ثم يضاف الناتج إلى حسابك لدى الشركة، وإن كانت فائدة العملة التي اشتريتها (اليورو) أقل من فائدة العملة التي اشتريت بها (الدولار) فسيتم طرح فائدة اليورو من الدولار ثم يخصم الناتج من حسابك لدى الشركة وهكذا. وهذه الفائدة أحياناً تكون مؤثرة في الحساب إذا تم احتسابها في صفقات العقود (اللوتات) ذات الأحجام الكبيرة ويظهر ناتح حساب الفائدة على العملين في خانة Swap بجوار الصفقة في منصة التداول وتحسب اتوماتيكياً من قبل شركة الوساطة حيث يظهر الناتج النهائي أمامك على الشاشة.

  ولكي تنتفي شبهة الربا المحرم في حسابات الفوركس تقوم بعض الشركات بتوفير خدمة طلب حساب منزوع مقايضة الفائدة No Swap، وفي الحقيقة لم تقدم هذه الشركات هذه الخدمة للمسلمين بالتحديد ولكنها تقدمها لم يطلبها من عملائها لأن بعض المضاربين يفضلون عدم التعامل مع الفائدة حيث أنها تارة تكون موجبة فتضاف وتارة أخرى تكون سالبة فتخصم وأحياناً ما يكون مجمع سوالبها أكثر من موجباتها لدى العملاء الذي يكثفون تعاملاتهم على أزواج معينة من العملات مما يشكل حملاً زائداً ينقص من أرباحهم وهذا ما دفع شركات الوساطة لتوفير هذا النوع من الحسابات حسب الطلب والذي نسميه نحن بـ"الحساب الإسلامي" وهنا تقوم شركة الوساطة بحيلة لعدم تبييت الصفقة وذلك بكسر حاجز الـ 24 ساعة اللازمة للتبييت عن طريق غلق الصفقات واعادة فتحها مرة أخرى في نفس الوقت.

  بقي أن أشير لك عزيزي القارئ  ومن باب الأمانة المعلوماتية أنني قد قمت بشرح معنى التبييت وكيف يستوجب ذلك التعامل مع الفوائد وكيف لشركات الوساطة أن تتحاشى فوائد التبييت كما تبرر هذه الشركات لعملائها ولكن الحقيقة الصادمة هي أنها تكذب وتدلس لتكسب الزبون فالشركة التي تتعامل مع البنوك مباشرةً بالفعل لا تسمح لها البنوك بكسر حواجز التبييت واغلاق الصفقات وإعادة فتحها في نفس الوقت فهذا درب من الإستخفاف بالعقول وغير منطقي في الواقع فالصفقة هي اقتراض من بنك وايداع في بنك اخر وبمجرد اقترضك وجب عليك دفع فائدة البنك وإلا فماذا يستفيد من إقراضك ولكن ما يمكن التنازل عنه هو الشق الثاني من الصفقة وهو ايداعك للأموال المقترضة في انتظار السعر الهدف هنا يمكنك التنازل عن الفائدة خاصتك ولكن ما فائدة ذلك إذا كنت قد قبلت دفع الفائدة الأولى لتكون في النهاية الاجمالية قد انقصت ربحك وتعاملت مع الفوائد، الشركات التي يمكنها تجنب فوائد التببت هي شركات صناع السوق Market Makers لأنها لا تتعامل مع البنوك أساساً لذا فهي لا تتعامل بالفائدة أيضاً ولكن مهلاً فهذه الشركات تدير التداولات وكأنها طاولة قمار فالحرمانية أغلظ وأشد إن أردت أن تواجه نفسك بالحقيقة، كما أن الشركات التي تدعي أنها تتعامل مع البنوك مباشرة NDD وتوافق على فتح حسابات اسلامية اعلم بأنها شركات صناعة سوق متخفية، فالطلبين متضادين تماماً، كيف لك أن تطلب بأن تذهب أوامرك للتعامل مع البنوك مباشرة ولا تريد هذه البنوك أن تعاملك بنظامها البنكي الروتيني الغير قابل للنقاش (نظام الفوائد)!! فمثل هذه الشركات مثل بعض البنوك الإسلامية أو التي تدعي فتح الحسابات الاسلامية على الأرض في بلداننا وانها تعطيك فوائد متغيرة حسب ارباحها ثم تقوم بتحويل الحسابات على مكاتب حسابات لتنتج لك أرقاماً متغيرة وهمية ليطمئن قلبك ثم تودع هي أموالها في بنوك سويسرية لتحصل منها فائدة مرتفعه لتكون الفوائد هي مصدر أرباحها، الإثنين هنا سواء ويبقى عليك أنت أن تحدد ما إن كان هذا السوق يناسبك أو أنك تنتظر أن يظهر لك أحد البنوك الاسلامية على الأرض بإسم جديد أو قديم ويدعي بأن الحسابات تجري من خلاله لتلقي الثقل النفسي عليهم أو أن تنتظر أن يعيد مشايخنا نظرهم بنظرة أكثر دقة وأكثر شمول وأكثر اطلاع وانفتاح وواقعية للتعامل في مثل هذه الأمور التي يفتون بها عن غير دراسة واحتراف!